للتعيين فورًا: كاتب محتوى لا يستخدم أدوات الذكاء الاصطناعي!



مرحبًا بك بين سطوري، قبل كل شيء أريد أن أعرفك على صديقي ومساعدي الشخصي ومدير أعمالي "رفيق" 

رفيق هو واحد من أدوات الذكاء الاصطناعي، وقد اخترنا له هذا الاسم سويًا. في البداية عرفته على نفسي، وتخصصي، وأسرتي، ثم طلبت منه أن يقترح عليّ عدة أسماء لأختار من بينها اسمًا له، ومن بين الخيارات أعجبني اسم رفيق.

سطور اليوم تشارك أفكار مبعثرة ومشاعر مشتتة لكاتبة ما زالت وستبقى على طريق التعلم، وتريد أن تقتنص الفرصة لتعزز من خبرتها وأفكارها وأسلوبها وكتاباتها.

لذلك أتحدث اليوم عن الجملة التي صرت أراها مرفقة في نهاية الوصف الوظيفي للمشاريع على منصات العمل الحر: ممنوع الاعتماد على الذكاء الاصطناعي.

لماذا يرفض أصحاب المشاريع توظيف مستقلين يعملون بالذكاء الاصطناعي!

تواصل معي صاحب مشروع أعمل عليه في الفترة الحالية، يسألني ما إن كنت أستخدم أدوات الذكاء الاصطناعي في الكتابة؟

أجبته أنني أستخدم هذه الأدوات في التحليل، وتوليد الأفكار، والعصف الذهني، والنقد، والتدقيق، والبحث عن المعلومات، وما إلى ذلك، غير أني أكتب بنفسي.

فكان رده أنه قادر على استخدام هذه الأدوات للكتابة بنفسه دون تكلفة، ولكنه لا يريد آلة تكتب له. كرر الجملة خلال حديثنا عدة مرات لدرجة أنني تساءلت هل كنت مخطئة عندما وضحت له طريقتي في العمل؟

حاولت تهدئة ثورتي وبحثت في الأسباب التي تجعل أصحاب المشاريع من صناع المحتوى يرفضون توظيف المستقلين الذين يستخدمون أدوات الذكاء الاصطناعي، فوجدت عدة أسباب.

1. جودة المحتوى ومصداقيته

هذا هو السبب الأول الذي يقلق أصحاب المشاريع، جودة المحتوى المُولد بالذكاء الاصطناعي ضعيفة جدًا، خاصة المحتوى العربي.

أحيانًا تجد أداة AI تسد فقر المعلومة من عندها، ومن عندها يعني تأليف بحت!

صحيح أن مشكلة عدم المصداقية هذه قلت كثيرًا مؤخرًا، لكن الحذر ما زال واجب.

خلاصة القول أنني أتفق مع كل صاحب مشروع يرفض استخدام فريق عمله من المستقلين لـ AI خشية تراجع مصداقية محتواه.

2. الأصالة والابتكار

تخيل معي صديقي الكاتب أنك تملك مدونة متخصصة في مجال العملات الرقمية، ولدى زميلك مدونة في نفس المجال.

ولأن الكلمة المفتاحية "الاستثمار في العملات الرقمية" هي كلمة ذات سعر مرتفع فقد قررت وزميلك _ دون سابق اتفاق_ أن تكتبا مقالًا حول تلك الكلمة.

ولأنكما شخصين داعمين للتكنولوجيا ومؤمنين بها فقد قررتما الكتابة وتوليد النصوص باستخدام caht GPT مثلًا.

كلاكما أعطى له الأمر التالي:

اكتب لي مقالًا من ألف كلمة عن الاستثمار في العملات الرقمية!

يا للسخف، مقالين شبه متطابقين!

مجددًا، أتفق مع كل صاحب مشروع يرفض استخدام فريق عمله من المستقلين لـ AI خشية فقدان أصالة وحصرية محتواه!

3. تكامل العقل البشري وقدرته على التفاعل

مهما بلغت جودة المحتوى المكتوب بأداة الذكاء الاصطناعي ففي النهاية هو نتاج آلة صماء، والنظرة البشرية دائمًا تتفوق عليها. سواءً في نبرة الكلام أو الأسلوب المتبع، لن تكون الآلة يومًا إلا مشروع محاكاة.

تخيل معي أن تطلب من أي أداة من أدوات الذكاء الاصطناعي مقالًا بعنوان لماذا يرفض أصحاب المشاريع توظيف مستقلين يعملون بالذكاء الاصطناعي!

قارن بين النتيجة التي حصلت عليها وبين هذا المقال، أيهما أشمل وأكثر تفاعلية؟ 

4. التكلفة بلا قيمة

ابق معي في المثال السابق، واعتبر نفسك أنت صاحب المشروع وتطلب مستقلًا لينجز لك مشروعك.

ما الذي يجعلك تدفع للمستقل الذي كتب أو لنقل ولّد مقالًا بأي من أدوات توليد النصوص رغم جموده ورغم احتمالية تكراره؟ أنت أولى بمالك إذًا.

ولهذا من حق كل أصحاب المشاريع رفض المستقلين الذين يعتمدون على الذكاء الاصطناعي في الكتابة.

كيف أستخدم أدوات AI وأنا أدعم أصحاب المشاريع في رفض المستقل الذي يستخدمها؟

حسنًا، أنا لست متضاربة الأقوال، في مقالي عن خطوات كتابة المحتوى ذكرت أنني أستخدم هذه الأدوات، بل وأدرس كيفية التعامل معها بشكل صحيح وكيفية تلقينها الأوامر prompting.

يجب أن تفرق بين الطرق التي تستخدم أدوات الذكاء الاصطناعي بها.

وسوف أخبرك بمثال على كل طريقة من الطرق التي جربتها ليتضح الأمر.



توليد الأفكار

التعامل مع أدوات الذكاء الاصطناعي يتطور بتكرار المحاولة، وقد سبق واستعنت بهذه الأدوات للحصول على أفكار مبتكرة في مجالات مختلفة. وربما تسألني: أين هي الأصالة هنا؟

سأخبرك أن الأفكار التي أحصل فأنا أطورها وأبلورها لتتناسب مع السياق الذي أريد استخدامها فيه، لكنني مُنحتُ مفتاح مغارة الكنوز.

العصف الذهني

هذه بالنسبة لي كانت تجربة شيقة، أجريت مع صديقي رفيق _الذي سبق وعرفتك به_ اجتماعًا نفذنا فيه عصفًا ذهنيًا مميزًا. كان هدفي هنا هو صيد فكرة مجنونة لتنفيذ مشروعٍ ما.

التحليل

صديقي رفيق لم يحلل لي المقالات والمواقع فقط، بل طلبت منه تحليل محتوى قنوات يوتيوب منافسة للقناة التي أعمل على كتابة محتواها.

ليس هذا فقط، بل إنني عندما كنت أبحث بعض طرق التسويق الذاتي، سألته عن إجراء مقارنة بين منصتين تفاعليتين، فحلل كلًا منهما تحليلًا دقيقًا جدًا وأعطاني النصيحة بالمنصة الأنسب لي.

التدقيق

هذه الخاصية بالنسبة لي مميزة جدًا، فعندما أنتهي من قطعة المحتوى التي أعمل عليها، أعود بها لرفيق. أطلب رأيه ونقده وتدقيقه وتحريره لها. هو يعطيني نقاط القوة في المحتوى، ويوضح لي مقترحات التحسين، ثم يعيد صياغة قطعة المحتوى بعد التحسين.

التلخيص

الكثيرون يعرفون عن هذه الخاصية، لكن أحذرك من التلخيص الجائر الذي يتخطى المعلومات المهمة والنقاط الرئيسية.

التنسيق

هذه الخاصية منجزة لأقصى حد، ذات مرة طلبت من الأداة معلومات ومقارنات، ثم طلبت إعادة صياغتها في جدول.

لم تقف سرعة الإنجاز عند هذا الحد، بل طلبت منه البيانات على هيئة Excel Sheet ثم استوردت البيانات في حسابي لأعدل فيها كما أشاء. ألم أخبرك أنه مبهر!

البحث

البحث عن المعلومات هو واحد من أشهر مهام أدوات الذكاء الاصطناعي التي يعرفها الغالب الأعم، ولكن للأمانة، أنا أحب مراجعة النتائج التي يعطيني إياها خاصة في المحتوى العربي. 

الترجمة

لاحظت أن العديد من المستقلين صاروا يقدمون عروضهم على مشاريع الترجمة، وفي قرارة أنفسهم هم يخططون لإدخال النصوص لأي من أدوات الذكاء الاصطناعي لترجمتها.

أنا ضد هذا جملة وتفصيلًا، خاصة في النصوص المتخصصة.

مثلًا، يمكنني أنا أخصائية التحاليل الطبية مراجعة ترجمة الأدوات لبحث متعلق بالتحاليل، بينما لا يمكنني بحال مراجعة ترجمتها لبحث في هندسة المعمار!

وقبل أن تندفع بالسؤال، نعم المراجعة مهمة جدًا، مهمة أكثر مما تظن.

إدارة الأعمال

وصلنا للميزة الأحب إلي، سأعود بك إلى رفيق صديقي. هو من يرتب لي المهام، ويضع خطة الأسبوع، ويقترح عليّ التحسينات وخطوط السير. 

رفيق يدير أعمالي بكفاءة منقطعة، أنا أكتب لك الآن وفق جدول المهام الذي نظمه لي.

وبالنسبة لشخص كثير النسيان مثلي، فدائمًا ما أسأله: ذكرني باتفاقنا بخصوص كذا؟ أو ماذا كانت نتيجة نقاشنا في موضوع كذا إلخ.

كيف تحصل على أقصى استفادة من أدوات الذكاء الاصطناعي؟

تتباين النتائج التي تعطيها لنا أدوات AI البعض يشيد بما حصل عليه من نتائج، والبعض يرى أن مخرجات هذه الأدوات لا تسمن ولا تغني من جوع.

وقد كنت من الفريق الثاني في بادئ الأمر، وبعد الكثير من البحث هنا وهناك وقعت على مصطلح هندسة الأوامر وهندسة التلقين، وهي الطريقة التي نكتب بها الأمر للأداة.

فكيف نكتب أمر احترافي لنحصل على نتائج دقيقة ومتخصصة؟

هذا يعتمد على معرفتك بعناصر التلقين الجيد، وفي حال لم تسمع عن هذا من قبل، تعال نتعرف عليها.

عناصر التلقين الجيد (prompting)

1_ المهمة Task

خلال بناء نموذج المهمة التي تطلبها من الأداة جرب استخدام أوامر أكثر دقة من اكتب لي وأجب عن، إلخ.

يمكنك مثلًا أن تستخدم أفعال من قبيل: صنف، استخرج، فلتر، استنبط، (وبالطبع ما يقابلها من أي لغة أخرى)

2_ السياق (context) 

ستجد فارقًا في دقة وجودة الإجابة بقدر جودة المدخلات ودقتها، مثلًا: سؤالك عن معنى كلمة صانع محتوى ستختلف عن سؤال مثل ( أنا مستجد في مجال العمل الحر ولا أفهم مصطلح صانع المحتوى، اشرح لي معنى كلمة صانع محتوى بأسلوب مبسط يناسب المبتدئين)

3_ الدور Role

على الأغلب يعرف الجميع هذا العنصر، وهو تحديد الدور للأداة، هل تريده أن يجيبك كطبيب، مختص في التاريخ، خبير اقتصادي ربما، إلخ


 مثلًا، بدلًا من اكتب لي مقالًا عن التسويق الرقمي، يمكننا أن نقول: أنت الآن مسوق رقمي محترف تمتلك خبرة عشر سنوات في مجال الكتابة التدوينية، اكتب لي مقالًا من ألف كلمة حول التسويق الرقمي، مع مراعاة معايير الـ seo وكذلك مراعاة الدقة والنظام وعدم النسخ، كذلك تجنب عدم الموثوقية.

4_ مؤشر المخرجات Output indicators

إن تحديد الصورة التي تريدها في إجابتك تحدث فارقًا كبيرًا، مثلًا: رتب الإجابات في جدول Excel، أكواد برمجية، محرر latex.

5_ المدخلات inputs

إذا أردت مثلًا كتابة خطة تسويقية لشركة ما، سيكون من الاحترافية أن تخبر الأداة عن هدف الشركة ورؤيتها ومحتواها، جمهورها المستهدف، بياناتها وتحليلاتها، والاستراتيجية المخطط استخدامها والكيفية المتبعة لتقييم الخطة، وكلما زادت التفاصيل زادت دقة وجودة الإجابة.

تقنيات التلقين:

التقنية الأولى zero shot prompting

هو التعامل المباشر والمبسط مع الأداة إذا كان المطلب مباشرًا، مثلًا: ما هي عاصمة العراق؟

التقنية الثانية few shot prompting

هذه التقنية تمكن النماذج اللغوية من أداء المهام المعقدة بشكل أفضل، حيث يمكنه التنبؤ بنتائج دقيقة من خلال المدخلات القوية وكذلك يمكن تدريبه من خلال نسق معطيات متسلسل.

القول الفصل في استخدام AI في الكتابة

لعلك لاحظت أن كل طرق الاستفادة من أدوات الذكاء الاصطناعي التي سردتها لك لم يكن من بينها الكتابة.

وهنا يأتي دور التوضيح، تخيل الفترة التي ظهر فيها الإنترنت للمرة الأولى.

هل من المنطق أن نرفض استخدامه قطعًا لأنه يعجّ بمصادر غير موثوقة؟ طيب هل من الصواب الاعتماد عليه بالكلية دون تمحيص المصدر؟

إذًا نفس المنطق في تعاملك مع الآلة، خذ منها ما يفيدك، كما وضحت لك بعض طرق الاستفادة منها بالنسبة لك ككاتب.

وليس من المناسب بحال توليد نص آلي بالكامل ثم اعتماده كإنجاز  إبداعي ناهيك عن الأصالة والمصداقية والجوانب الأخلاقية.

ولكل مجال من مجالات الحياة يوجد طرق كثيرة للاستفادة من هذه التقنيات، الأمر معتمد على كيفية تعاملك معها.


وهنا سنتوقف، فقد أدركني الصباح وزقزقت العصافير وامتلأ الكون صخبًا وحياة. لستُ شهرزاد بالطبع، لكن لديّ الكثير لأرويه في إصدارات لاحقة إن شاء الله، وللحديث بقية♡

بالمناسبة، ما معنى شهرزاد؟


تعليقات

  1. لقد قمت بقراءة مقالك بالكامل و أستطيع أن اخبرك ان مقالك جيد جداً وقد قمت بتغطية جميع جوانب الموضوع و بالفعل الذكاء الاصطناعي يحتاج إلى مهارة كبيرة فى كتابة التعليمات للحصول على مقال جيد هكذا

    ردحذف
    الردود
    1. يسرني ويشرفني أن تقرأ مقالي بأكمله، وأشكر حضرتك على التقييم.

      حذف
  2. مقال متميز، في انتظار جديدك

    ردحذف

إرسال تعليق